مجلة زوران-التكن والتنولوجيا والتعليم-23-3-2021
تم تطوير طريقة بيئية جديدة لمعالجة مياه الصرف الصناعية بواسطة علماء من جامعة سيبيريا الفدرالية بالتعاون مع الصين. وتعتمد التقنية الجديدة على ظاهرة تكهف السائل (أي تشكل فقاعات بالسائل أثناء جريانه وحدوث انخفاض في الضغط). حيث يتم معالجة السائل عبر التكهف والقيام بضرب دقيق يساعد بتجمع المواد الملوثة للماء والتي تترسب بعد ذلك بحيث تسهل إزالتها. وقد تم نشر نتيجة البحث في منشورات مؤتمر IOP لعلوم الهندسة المواد.
ويفسر العلماء ظاهرة التكهف بأنها تشكل للفقاعات أثناء حصول انخفاض شديد في ضغط الماء مما يطلق غاز الأكسجين ومركب بيروكسيد الهيدروجين والتي تعمل كمواد مؤكسدة قوية. وتحت تأثير هذه المواد تتغير بنية المعادن الثقيلة في الماء وتترسب بحيث يسهل إزالة الراسب بواسطة مكشطة خاص. الماء يقوم بتنقية نفسه في هذه التقنية الجديدة ولا حاجة لإضافة أي مواد كيميائية أو مواد ماصة لتنقيته.
وأوضح الباحثون أن الأكسجين وبيروكسيد الهيدروجين ينطلقان بسبب تحلل جزيئات الماء H2O عندما تتصادم الفقاعات وتنفجر مشكلةً مناطق فارغة مختلفة في الضغط فبعضها ذات ضغط عالي وأخرى ذات ضغط منخفض. وخلال تكسر جزيئات الماء تلتقي ذرات الأكسجين والهيدروجين المشكلة لها معًا فتتشكل جزيئات الأكسجين النشطة وبيروكسيد الهيدروجين والأوزون والهيدروجين وكلها مواد تسبب التأكسد للملوثات الموجودة في الماء وتحللها.
وتعلق الأستاذ المشارك أولغا دوبروفاسكيا من قسم أنظمة هندسة المباني والهياكل في جامعة سيبيريا الفدرالية “يطلق على عملية التكهف أحيانًا مصطلح “الغليان البارد” –باستعمال معدات متخصصة ذات سرعات عالية يتم إحداث مناطق ذات ضغط مرتفع ومنخفض في السائل فتتشكل فقاعات صغيرة وتنفجر محررة بذلك كمية ملحوظة من الطاقة. يتم استعمال التكهف في الجامعة مثلًا لتحلية المياه-“.
وحسب رأي الخبراء لهذه التقنية فوائد كثيرة بغض النظر عن كلفتها الباهظة فالمعادن التي يتم ترسيبها خلال العملية يمكن إعادة استعمالها. فمثلًا يمكن استخلاص النحاس والحديد والنيكل من مركباتها المؤكسدة بسهولة واستعمالها مجددًا لتصنيع منتجات جديدة.
تقول الأستاذة أولغا دوبروفاسكيا: “استنتج علماء البيئة حول العالم من زمن بعيد أن التقنيات الخضراء صديقة البيئة ليست رخيصة. لذلك بناء وحدة تكهف وتشغيلها بالطاقة الكهربائية اللازمة دون توقف تعتبر رفاهية مكلفة. ومع ذلك نحن وزملاءنا الصينيون ما زلنا نعتقد بإمكانية استعمال التقنية في القطاع الصناعي. وذلك لأنه في هذه القطاعات يمكن اعتبار التقنية الجديدة أقل كلفة من طرق التنقية التقليدية التي تحتاج لمواد كيميائية لإن القطاعات الصناعية تصرف قدرًا كبيرًا من الأموال في شرائهم لهذه المواد” .
ووفقًا للأستاذة دوبروفاسكيا يتم حاليًا استعمال التقنية الجديدة في مجالات صناعية وشبه صناعية ويشمل ذلك بعض المؤسسات الصغيرة في قطاع كراسنويارسك. ويتم حاليًا تجربة كفاءة التقنية على المدى الطويل في مصنع للنسيج في هاربين، الصين.
وتشير دوبروفاسكيا: ” لقد قمنا بالفعل بتجربة طرق التنقية التقليدية باستعمال المواد الماصة، عندما تمت معالجة المخلفات السائلة التي تحتوي على زيت بالتكهف أولًا ومن ثم تم التقاط المبلمرات المتكسرة لهذه المخلفات بواسطة المواد الماصة، حصلنا على مياه نقية تقريبًا بشكل ممتاز من المخلفات مع نسبة تنقية تساوي 98%”.
وقد عمل الباحثون من جامعة سيبيريا الفدرالية مع زملائهم الصينين من الأكاديمية العلمية الصينية منذ 2017 على تطوير طريقة تنقية جديدة لمياه الصرف الصناعية التي تحتوي على معادن ثقيلة دون الحاجة لإضافة المتفاعلات والمواد الكيميائية. وحسب أقوالهم، هذا المشروع مهم للصين لأن جزءًا كبيرًا من الطاقة الصناعية العالمية متواجد على أراضيها. وفي المستقبل القريب يخطط الخبراء لتجربة تشغيل ” الخلاط الكبير” في مصنع الألمنيوم في RUSAL.