مجلة زوران-زورانيات-22-4-2021
المجاهرة بالمعاصي- على عمومها- ذنب مركب؛ لذلك قيل:( إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا)، ليس من باب الحض على المعصية، بل من باب منع التفاخر بالمعصية، ومنع الإسهام في نشرها على الملأ، ومنع تسهيل أمرها على العامة.
الإفطار في نهار شهر رمضان– حتى إن كان لعذر شرعي- ينبغي فيه الاستتار، وعدم تناول الطعام والشراب في الطرقات، وفي المؤسسات، وفي الأماكن العامة؛ وذلك صوناً لحرمة الشهر، وصوناً للمفطر لعذر من سوء الظن به، ومنعاً لاتخاذ المسلك ظاهرة عامة تشجع ضعاف النفوس على اقتحام حرمة الشهر.
هناك أماكن عامة مستثناة لها وضعها الخاص، وهي ليست موضوع حديثنا وانتقادنا، مثل غرف المرضى في المستشفيات، ودور رعاية المسنين، ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة؛ فكل مريض أو نزيل في تلك الأماكن له احتياجات غذائية تقدر بقدرها، وفق وضعه الصحي.
من ذكرياتنا الرمضانية أيام المدرسة أن الزميلات المسيحيات كن يمتنعن عن أي لقمة طعام، أو جرعة ماء في أثناء رمضان صيفاً؛ مراعاة منهن لشعورنا، ومراعاة لحرمة الشهر عندنا. وهذا المسلك النبيل أصبحنا نفتقده أحيانا عند بعض المفطرين من المسلمين، سواء أكان إفطارهم لعذر، أو لغير عذر.
ومن المفارقات اليوم أن نرى طفلاً صغيراً يبدأ التمرن على الصيام، وأن نرى شاباً قد أنعم الله عليه بالصحة والعافية مفطراً دون عذر، بل ربما أضاف إلى ذلك ذنب المجاهرة والمفاخرة.
شهر رمضان زائر يفد علينا مرة كل عام، فلنكرم وفادته، ولنحسن صيامه وقيامه. أما من أفطر فيه متعمداً فلا أقل من أن يستتر، وأن يراجع نفسه، وأن يحدثها بالتوبة والإنابة؛ فلعل الله يتوب عليه، ويهديه سواء السبيل.
د. فوزية ديراني