ما يقرب من نصف الالمان بقرأت روايات الجريمة اثناء العطلات وخلال السفر فاثناء تجولي خلال الرزيارة الاخيرة اصبحت اشاهد وبكثرة الكثير من الاشخاص في الحدائق العامة وعلى الشواطيء يمسكون بايديهم الكتب ويقرأونها فظننت في بداية الامر اتوقع انهم طلاب في المدارس والجامعات يدرسون في الحدائق وذلك نظرا لصغر اعمارهم ولكن بدأت اشاهد تنوع اعمار الاشخاص الذين يقرأون كل الكتب ولد لدي رغبة وفضول لمعرفة ماذا يقرأون، ففي احدى المرات ذهبت الى احدى الحدائق في المانيا وجدت عند بوابة الحديقة مجموعة ليس بالقليلة من الكتب وكوني ليس لدي اية معرفة باللغة الالمانية اصبحت ومن خلال تطبيق مترجم الصور الموجود على هاتفي الذي استعين به خلال السفر اسلط كميرت هاتفي على اغلفة تلك الكتب فاذا هي جميعها كتب عن الجريمة وروايات لكتاب مشهورين وهنا زاد الفضول لدي لمعرفة سر تعلق الالمان بهذه الروايات.
وعلى ما يبدو ان ثقافة الشعوب تلعب دور كبير في توجهاتهم نحو العلوم التي يريدونها والكتب التي يقرأونها، خلال زيارتي الاخيرة “ونظراً الى طبيعة عملي في الاعلام” كان اكثر شيء ملفت للنتباه لدي وجود كم كبير من المجلات والجرائد التي توضع امام مدخل العمارة التي اسكن بها، ولانني اصحو مبكراً اذهب كل يوم في الصباح الباكر في رحلة سير على الاقدام الى احد المرافق العامة واثناء المرور من الطريق المودي الى الحديقة تقع عيني باستمرار على ابواب المحلات والمساكن حيث وجود كميات كبيرة من الصحف والمجلات والنشرات امام تلك الاماكن.
وعلى ما يبدو ان القراءة شيء مهم في حياة الشعب الالماني في حين اصبح العالم يتوجه بشدة نحو الابتعاد عن المطبوعات الورقية ليحل محلها الانترنت؛ مما يجعلنا نقف امام سؤال مهم ما سر تعلق الالمان بالورق وتعلقهم بالروايات وقصص الجريمة؟
هنالك العديد من العوامل من وجهة نظري ابرزها، النشئة في المراحل الاساسية من التعليم والبيئة التي تحيط بالاطفال منذ الصغر.
اعتقد ان المناهج التعليمية في جميع مراحل التعليم الاساسية تعزز مفاهيم القرأة لدى الطلاب مما يجعلهم مهيئين لحب القرأة، والامر الاخر البيئة، فوجود الطالب ظمن بيئة عائلية واجتماعية تحب القرأة يجعله مقلدا لهم وبالتالي ينشأ على حب القرأة.
اما عن حبه لقرأت الرويات التي تتحدث عن الجريم فهنالك ايضا عدة عوامل، فيها ما يتعلق بالحياة الاجتماعية السابقة واما مر عليها من ظروف صعبة في ظل وجود الكثير من الاحداث والقصص المتعلقة بالجريمة، معززا ذلك وجود كتاب ذو خيال واسع استطاعوا ومن خلال افقهم الواسع والمساحة الكبير في خيالهم تأليف قصص عن الجريمة منها ما هو مقتبس من جرائم حقيقية ومنها ما هو من وحي الخيال.
فاثناء البحث البسيط حول روايات الجريمة، وجدت قصص وحكايات غريبة للكتاب يقصون فيها معاناتهم لتكون الرواية مشوقة وقريبة من الواقع الذين يسلطون الضوء عليها، وتكون هنالك العديد من العقبات التي يواجهونها اثناء كتابة الرواية مما تضظر البعض منهم الى الذهاب الى الاماكن التي تحدث فيها الجريمة، وفي بعض الاحيان يذهبون في رحلة من العزلة والوحدة لكي يستطيعون الوصول الى افكار جديدة يضيفونها الى رواياتهم، وقد يضطر بعض كتاب الروايات السفر الى بلد للعيش فيها والتعرف على عادات وتقاليد شعبها لتكون الرواية على قدر كبير من الدقة، جميع الذي يقوم به كتاب الروايات والمخاطر التي يتعرضون اليها في بعض الاحيان والمشقة والعناء الذي يواجهونه من اجل؛ الالهام، ليضفوا على كتاباتهم لمسة جمالية مشوقة تجذب القراء، ومنهم من حقق مكاسب كبيرة معنوية ومادية.
ومن هنا فان وجود شعب قاريء نهم ومثقف، وكتاب على قدر عال من الملكة الادبية يكتبون بطريقة مشوقة وسرد قصص قريبة من الواقع تجعل القاريء يندمج بشكل كبير مع الرواية التي يقرأها، مع وجود قصص حقيقية تناقلها الاباء عن الاجداد، بالاضافة للحرية في التعبير في الكتابات وسرد القصص والروايات سواء اكانت حقيقية ام من وحي الخيال.
على الرغم من الاستنتاجات البسيطة التي وصلت اليها من خلال البحث الا انني لم اصل لغاية الان لسر تعلق الالمان بروايات الجريمة، ولكن ساثابر الى ان اصل جواب يشفي غليلي….
كتب.. محمد فهد الشوابكه
