مجلة زوران-زورانيات-14-4-2021
العبادة بمفهومها الواسع لا تقتصر على أداء الفرائض والسنن والمستحبات التي وردت في كتاب الله تعالى وفي الأحاديث الشريفة فحسب.
صحيح أن هذه العبادات المنصوص عليها لها أثرها الكبير في حياتنا، وأنها مناط نيل الثواب، غير أن في وسعنا أن نجعل من كل حركة وسكنة في حياتنا عبادة منذ أن نفتح عيوننا في الصباح إلى أن نخلد إلى النوم، ومدار ذلك على استحضار النية عند كل حركة أو سكنة.
إذا واظب أحدنا على التمرين الرياضي اليومي، ووقر في نيته أن يقوي جسده ليستخدمه في طاعة الله، وفي القيام بما أوجب الله عليه من عمل لرعاية أسرته وخدمة مجتمعه فهذا وجه من وجوه العبادة.
إذا وقفت الأم في مطبخها تعد الطعام لأفراد أسرتها وهي تنوي بذلك حفظ أجسادهم وصحتهم، وتقويتهم على الطاعات فعملها هذا عبادة. وإن ساعدتها ابنتها في عملها اشتركت مع الأم في الأجر وفوق ذلك أجر البر بالوالدة وفق نيتها.
إذا التقط أحدنا مسماراً، أو قطعة زجاج، أو قشرة موز من الطريق وهو ينوي إماطة الأذى من طريق المارة كان عمله عبادة.
إذا قرأ أحدنا كتاباً في أي فرع من فروع العلم، أو الطب، أو الصحة، أو شاهد مقطعاً مفيداً لأحد المختصين في أي مجال علمي أو صحي نافع وكانت نيته تقوية الشعور بعظمة الله في الكون، أو زيادة المعرفة في هذا المجال للانتفاع بالمعلومات ونقلها إلى الآخرين؛ لكي ينتفعوا بها كان هذا العمل عبادة، وازداد ثوابها بالمشاركة.
فلنستحضر النية إذن؛ فهي التي تقربنا إلى الله تعالى، وتجعل ساعات أيامنا وأعمارنا عبادة خالصة لله تعالى. ما أكرم الخالق الذي يكتب أنفاسنا وحركاتنا وسكناتنا عبادات فور أن نستحضر النية! سبحانه جل شأنه.
د. فوزية ديراني
