مجلة زوران-زورانيات-21-4-2021
مما لا ينكر أن التلفاز، والشبكة العنكبوتية (الإنترنت) لربما نجد فيهما منشورات معرفية وإبداعية متنوعة تغني ثقافتنا، غير أن الكتاب- وبخاصة الكتاب الورقي- هو الركيزة الأولى، وله أثره البالغ في ترسيخ المعرفة، وخلق شخصية المثقف الواعي، والأكاديمي المبدع، وتعزيز قيمة التوثيق، والرجوع إلى المصادر والمراجع، وكتابة البحوث وفق الشروط الأكاديمية المتبعة في الجامعات، وفي المعاهد العلمية المرموقة.
الكتاب الورقي هو الأساس الذي بنيت عليه ثقافة الإنسان على تعاقب القرون، منذ بدايات تدوين المعرفة من بعد اختراع الكتابة.
ولا بأس- في زمننا الحاضر- في أن نقرأ الكتاب الورقي نفسه بصيغته الإلكترونية( الرقمية)؛ فنحن- برفقة الكتاب- نبني صلة مع الكاتب وفكره، ومع الكلمة، ومع اللغة، ومع المعلومة الموثقة، أو القابلة للتوثيق لمن شاء التثبت.
قيمة استقاء المعرفة من الكتب تظهر في تعزيز جانب التوثيق، والتثبت من المعلومة، وعزوها إلى مصدرها، أو مرجعها، وهو أمر ذو أهمية قصوى؛ إذ إنك تعرف- وأنت تقرأ- مصدر المعلومة، وترجع إلى الكتاب نفسه حينما تشاء، وتعيد مراجعة المعلومة، وسبرها، والموازنة بين الآراء المختلفة، وهنا تكمن القراءة الناقدة الواعية المثمرة، والمؤهلة لبناء منظومة معرفية متكاملة متسقة.
لا بأس في أن نتلقى شيئا من المعرفة من التلفاز، ومن الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، غير أن الكتاب يظل هو اللبنة الأولى، فهو الذي بنيت عليه صروح المعرفة، وأنجب جهابذة الفكر، والعلوم، والشعر، والآداب، والفنون لقرون خلت.
فلنحرص- مهما استحدثت تقنيات المعرفة- على اقتناء الكتاب، وعقد صداقة متينة معه، على نحو ما فعل أرباب العلم والأدب والفن منذ فجر التأريخ الثقافي الإنساني المكتوب.
د. فوزية ديراني